التقدير خسرنا كتير؟
في مئات مقابلات العمل اللي عملتها على مدار ٢٠ سنة سواء وأنا صاحب عمل ومدير الشركة، أو مدير شركة فقط، أو مدير مشروع، أو استشاري ، فكنت متعود دايمًا أسأل أسئلة غير تقليدية، وده لأهداف مختلفة. ولكن من أهم الأسئلة اللي متعود أسألها هي:
كانت الإجابات بنسبة 95% بتكون: "عدم التقدير".
باقولهم: إزاي يعني؟ وضحولي. فكان الكلام أغلبه منصب على التقدير المعنوي.
من فترة، كنت اشتغلت مع صديق ليا، وكان هو صاحب العمل وأنا كنت موظف معاه. الصديق ده أنا أعرفه من حوالي 18 سنة من أيام الكلية، وكان من أعز الناس عليا، وكنت باشوفه حد قريب جدًا وسهل في التعامل. ولما جات فرصة أشتغل معاه ما اترددتش، ولكن العمل لم يستمر معاه أكثر من 18 يوم، واضطريت أترك العمل معاه لنفس السبب: "عدم التقدير".
وبعدها عرفت إن في ناس تانية في فريق العمل اللي كان موجود برضه مشيوا لنفس السبب.
طبعًا علاقتنا اتأثرت فترة، ولكن لأننا بنعز بعض على المستوى الشخصي، قدرنا نرأب صدع علاقتنا مرة تانية على المستوى الشخصي، لكن على مستوى العمل انتهى الأمر.
وبالمناسبة، هو كان سألني أكتر من مرة: "ناس كتير بتقول التقدير التقدير التقدير.. ماشي، بس إيه المقصود بالتقدير؟"
وأنا كنت وعدته إني هاجاوبه.
والبوست ده هو بمثابة إجابة على سؤالك يا صديقي العزيز.. كمل قراءة عشان تعرف.
خدوا دي كمان: أنا زمان كان فيا شئ من ده. كنت حد business oriented قوي، وكان البعد الـ humanistic عندي في الإدارة مش مستوعبه بشكل كافي.
بمعنى: إني باتعامل مع الموظفين على إنهم كائنات منضبطة ملتزمة، المفروض ما تغلطش.
طالما عملت الفعل الفلاني يبقى لازم ألاقي رد الفعل المناسب.
طالما وفرتله كل احتياجات العمل يبقى كده مش ناقص حاجة عشان يشتغل بنسبة 100%.
طالما الحاجة دي أنا فاهمها يبقى لازم هو كمان يبقى فاهمها.
طالما أنا باعرف أعملها وعلّمتها له يبقى لازم هو كمان يعملها صح من أول مرة.
ما كنتش مستوعب إن البشر كائن غير منطقي في الأساس، وكائن عاطفي بيتأثر بأمور غير ظاهرة. وبالتالي لما كان بيعمل 99%، فهو كده بالنسبة لي "عادي يعني"، وإن التقدير يكون للي فاق التوقعات، اللي هي أصلًا 100% 😊.
ولكني تلقيت العديد من دروس العمل والحياة، قرأت كتبًا واطلعت على كثير من العلم والثقافة، وتعلمت أن قيادة البشر غير قيادة الحجر.
الأخير تحركه لكمة، بينما الأول تحركه كلمة.
مجرد كلمة يمكنها أن تضاعف إنتاجه وتجعله محفزًا دائمًا، وكلمة أخرى تصيبه بالإحباط وعدم الرغبة في العمل، بل وتدفعه لاتخاذ قرار بترك العمل.
السر كله يكمن في تلك الكلمة الشهيرة: "التقدير".
ولكن ما هو التقدير؟ هل هو تشجيع الـ لا إنجازات (خلي بالك أنا قلت اللا إنجازات عشان عينك ما تقراهاش غلط)، أم منح مكافآت على الفاضي والمليان؟ أم ماذا؟
لا يا صديقي، التقدير مش كده. تعالى أقولك إيه هو التقدير:
-
أن تستمع له، وتعطيه feedback على ما يقوله أو يطلبه بما يتناسب مع ظروف العمل.
-
أن تقوم بتشجيع إنجازاته الصغيرة - بما يتناسب مع علمه وخبرته والموقف الذي حقق فيه هذا الإنجاز - حتى يصل للإنجازات الكبيرة.
-
أن تعطيه مساحة كافية من الحرية في العمل، لكي يقترح ويبدع ويتحمل مسئولياته.
-
أن تشعره أنه مهم ويقوم بشئ ذو أهمية عندك وعند الشركة.
-
أن تفي بوعودك أو مواعيدك معه، وإذا حال ظرف ما دون الوفاء بها، عليك أن تتواصل معاه وتعتذر له وتبلغه بالأسباب.
-
أن تتفهم ظروفه الشخصية إذا كانت في المعدل الطبيعي الذي لا يظلم العمل.
-
لا تحاسبه على خطأ هو في الأساس ناتج عن قصور في نظام العمل أو تخبط إداري منك.
-
احفظ له كرامته (ما تخليهوش يتبهدل ويتهان عشان ياخد حقوقه).
-
أن تمنحه الثقة إلى أن يثبت أنه ليس جديرًا بها.
-
أن توفر له نظام عمل عادل يحفظ حقوقه، وبيئة عمل مشجعة.
-
اتبع الـ win-win strategy للحكم في أي نقطة محل خلاف أو نزاع تظهر بينكم.
-
تذكر أن كلمة "أحسنت" وتربيتة على الكتف يمكنها أن تفعل ما لا تستطيع الأموال فعله.
.
يقول سام والتون، مؤسس سلسلة المتاجر الشهيرة Walmart:
"قم بتقدير كل شئ يقوم به من يعملون معك. ليس هناك أفضل من كلمات إشادة صادقة تُقال في وقتها، لن تكلفك شيئًا ولكنها عندهم بمثابة الكنوز".
.
تعليقات
إرسال تعليق
شكراً لتفاعلك مع العيادة الإدارية .. نسعد بتعليقكم